أكذوبة التاريخ عن 'فينسنت فان جوخ'
أكذوبة التاريخ عن 'فينسنت فان جوخ'
بقلم: يارا أمجد
ذات يوم من أيام شهر يوليو/تموز تحديداً في اليوم التاسع والعشرين منه، من
سنة 1890م، في بلدة 'أوفير سور واز' -الواقعة في شمال شرق باريس-، قرر 'فان جوخ'
الشروع في رسم لوحة جديدة؛ فلملم أغراض الرسم وحمل حامل لوحاته وحقيبته التي تحوي
أدواته، تاركاً وراءه النزل الذي كان يقيم فيه -نزل 'رافو'-، صاعداً الهضبة متجهاً
إلي حقول القمح التي تبعد عن النزل أكثر من ميل والتي لطالما كانت بمثابة ملهمته تحديداً
في لوحته التي رسمها قبل أن يفارق الحياة -في اليوم العاشر من ذات الشهر- تحت اسم
'حقل القمح مع الغربان'، وآخذاً معه المسدس الذي حصل عليه من خلال الشراء أو
الاستعاره من صاحب النزل الذي كان يقيم فيه والذي كان يطلق عليه 'فان جوخ غريب
الأطوار' ويدعي 'جوستاف رافو' ليقوم بإبعاد الغربان عنه كونه يخشاهم أو ليقوم
بإخافتهم ليُسَجّل تلك اللحظة بريشته، إلّا أنّه قرر إذ فجأة التراجع عن ذاك المخطط
المفعم بالحياة وقرر المضي قدما صوب أمر أخر ألا وهو الانتحار معتمداً علي المسدس
الذي كان بحوزته؛ فعوضاً عن أن يُبعد عنه الغربان أو أن يُخيفَهم يقتل نفسه بطلقة
واحدة فقط أسفل ضلوعه مباشرة، وبعد ذلك حمل نفسه قاطعاً الطريق ذاته الذي سلكه من
قبل عائداً إلى النزل طلباً للمساعدة، فوصل مأربه بنجاح إلّا إنّه لفظ أنفاسه
الأخيرة بعد أن صارع الموت لمدة 30 ساعة.
لوحة 'فان جوخ' حقل القمح مع الغربان التي كشفت تضليل
الادّعاءات
يُعتبر هذا المشهد السابق ذكره بالأعلى تصوّر لمجموعة من الادّعاءات
الباطلة حول حقيقة الكيفية التي توفى بها 'فان جوخ'، والتي صاغها التاريخ علي إنها
حقيقة مدمغة. والتساؤلات القادمة هى نتيجة لتلك التناقضات السالف ذكرها في تلك
الرواية المزعومة تفاصيلها.
كيف يكون 'فينسنت فان جوخ' عازم النية علي الرسم ودليل ذلك ادّعاءهم
الكامن في حمله لأغراض الرسم، ويقرر فجأة خطة بديلة لا تمت للحياة بصلة؛ وهي
الانتحار؟! فهذا التحوّل المفاجئ ليس له دافع، كما ليس له أى تبرير. وماداموا ادّعوا
إنه كان خارجاً بهدف الرسم فلِما لم يتم العثور على أدواته التي زعموا أنها كانت
برفقته؟!
كيف يُعقل أن يكون اشترى أو استعار مسدساً بغرض إبعاد الغربان عنه
أثناء قيامه بالرسمم بحجة مضللة مثل تلك -كونه يخشاهم-؟! فلا يُعقل أن يرسم بيد
ويظل يطلق الرصاص باليد الأخري! كما أن رسم لوحة في الحقول مع الغربان يستغرق ما
يستغرقه من وقت مما يتطلب توافر صفة الألفة بينه وبين المحيط حوله والذي يشمل
الغربان كجزء منه، ومن ثم كانت تلك الصفة متوفرة فيه.
وكيف أيضاً يكون قد اشترى أو استعار ذلك المسدس بغرض إخافة الغربان
ليلتقط ذلك المشهد بريشته رغم إنّه سبق ورسم تلك اللوحة من قبل؟! وهل يُعقل أن
'جوستاف رافو' يُعير أو يبيع مسدسه لرجل -'فان جوخ'- يدعوه بغريب الأطوار ويشك في
قدراته العقلية، مع الأخذ في الإعتبار إنّه مقيماً في نزله، ألم يخشى على حياته أو
حياة ابنته؟!
ومادام قرر الانتحار فلِما لم يطلق علي نفسه رصاصة قاتلة تقضي عليه
في التو واللحظة، بدلاً من الاكتفاء بتلك الرصاصة الوحيدة أسفل ضلوعه؟! ومادام كان
عاقد النية على الانتحار فلِما كافح كل ما يشعر به من آلام ليعثر علي من ينجده
ويسعفه؟!
وإذا كان حقاً قاصداً الحقول فكيف تمكّن من هبوط تلك الهضبة مع
الأخذ في الاعتبار طول المسافة واستحالة قدرته علي الهبوط نظراً لحالة إصابته؟!
إنّ كل التساؤلات السابقة أدت إلي تيقّن المحققين من أنّ الفكرة
الرائجة -انتحار 'فينسنت فان جوخ' المتعمد- هي أكبر أكذوبة صاغها التاريخ علي إنّها
حقيقة؛ فالحقيقة هى أنّ 'فان حوخ' الرسام الهولندي لم يمت منتحراً عن عمد إلّا إنّه
قد يكون أصاب نفسه عن طريق الخطأ، أو قد يكون تم قتله.
تعليقات
إرسال تعليق